كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



{سَتُكْتَبُ شهادتهم} التي شهدوا بها على الملائكة.
{وَيُسْئَلُونَ} أي عنها يوم القيامة، وهو وعيد شديد. وقرئ {سيكتب} و{سنكتب} بالياء والنون. و{شهاداتهم} وهي أن الله جزء أو أن له بنات وهن الملائكة ويساءلون من المساءلة.
{وَقالواْ لَوْ شَاءَ الرحمن مَا عبدناهم} أي لو شاء عدم عبادة الملائكة ما عبدناهم فاستدلوا بنفي مشيئته عدم العبادة على امتناع النهي عنها أو على حسنها، وذلك باطل لأن المشيئة ترجح بعض الممكنات على بعض مأمورًا كان أو منهيًا حسنًا كان أو غيره، ولذلك جهلهم فقال: {مَّا لَهُم بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ} يتمحلون تمحلًا باطلًا، ويجوز أن تكون الإِشارة إلى أصل الدعوى كأنه لما أبدى وجوه فسادها وحكى شبهتهم المزيفة نفى أن يكون لهم بها علم من طريق العقل، ثم أضرب عنه إلى إنكار أن يكون لهم سند من جهة النقل فقال: {أَمْ ءاتيناهم كتابا مّن قَبْلِهِ} من قبل القرآن أو ادعائهم ينطق على صحة ما قالوه.
{فَهُم بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ} بذلك الكتاب متمسكون.
{بَلْ قالواْ إِنَّا وَجَدْنَا ءَابَاءنَا على أُمَّةٍ وَإِنَّا على ءاثارهم مُّهْتَدُونَ} أي لا حجة لهم على عقلية ولا نقلية، وإنما جنحوا فيه إلى تقليد آبائهم الجهلة، وال {أُمَّةٍ} الطريقة التي تؤم كالراحلة للمرحول إليه، وقرئت بالكسر وهي الحالة التي يكون عليها الأم أي القاصد ومنها الدين.
{وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ في قَرْيَةٍ مّن نَّذِيرٍ إِلاَّ قال مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا ءَابَاءَنَا على أُمَّةٍ وَإِنَّا على ءاثارهم مُّقْتَدُونَ} تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم ودلالة على أن التقليد في نحو ذلك ضلال قديم، وأن مقدميهم أيضًا لم يكن لهم سند منظور إليه، وتخصيص المترفين إشعار بأن التنعم وحب البطالة صرفهم عن النظر إلى التقليد.
{قُلْ أَوَلَوْ جِئْتُكُم بأهدى مِمَّا وَجَدتُّمْ عَلَيْهِ ءَابَاءَكُمْ} أي أتتبعون آبائكم ولو جئتكم بدين أهدى من دين آبائكم، وهي حكاية أمر ماض أوحي إلى النذير، أو خطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ويؤيد الأول أنه قرأ ابن عامر وحفص {قال} وقوله: {قالواْ إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافرون} أي وإن كان أهدى إقناطًا للنذير من أن ينظروا أو يتفكروا فيه.
{فانتقمنا مِنْهُمْ} بالاستئصال.
{فانظر كَيْفَ كَانَ عاقبة المكذبين} ولا تكترث بتكذيبهم.
{وَإِذْ قال إبراهيم} واذكر وقت قوله هذا ليروا كيف تبرأ عن التقليد وتمسك بالدليل، أو ليقلدوه إن لم يكن لهم بد من التقليد فإنه أشرف آبائهم.
{لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِى بَرَاءٌ مّمَّا تَعْبُدُونَ} بريء من عبادتكم أو معبودكم، مصدر نعت به ولذلك استوى فيه الواحد والمتعدد والمذكر والمؤنث، وقرئ {بريء} و{براء} ككريم وكرام.
{إِلاَّ الذي فَطَرَنِى} استثناء منقطع أو متصل على أن (ما) يعم أولي العلم وغيرهم، وأنهم كانوا يعبدون الله والأصنام والأوثان، أو صفة على أن (ما) موصوفة أي إنني بريء من آلهة تعبدونها غير الذي فطرني.
{فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ} سيثبتني على الهداية، أو سيهديني إلى ما وراء ما هداني إليه.
{وَجَعَلَهَا} وجعل إبراهيم عليه الصلاة والسلام أو الله كلمة التوحيد.
{كَلِمَةً باقية في عَقِبِهِ} في ذريته فيكون فيهم أبدًا من يوحد الله ويدعو إلى توحيده، وقرئ {كَلِمَةَ} و{فِى عَقِبِهِ} على التخفيف و{في عاقبه} أي فيمن عقبه.
{لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} يرجع من أشرك بدعاء من وحد.
{بَلْ مَتَّعْتُ هَؤُلاَءِ وَءَابَاءَهُمْ} هَؤُلاَء المعاصرين للرسول صلى الله عليه وسلم من قريش وآباءهم بالمد في العمر والنعمة، فاغتروا لذلك وانهمكوا في الشهوات. وقرىء{مَتَّعْتُ} بالفتح على أنه تعالى اعترض به على ذاته في قوله: {وَجَعَلَهَا كَلِمَةً باقية} مبالغة في تعييرهم.
{حتى جَاءهُمُ الحق} دعوة التوحيد أو القرآن.
{وَرَسُولٌ مُّبِينٌ} ظاهر الرسالة بما له من المعجزات، أو {مُّبِينٌ} للتوحيد بالحجج والآيات.
{وَلَمَّا جَاءَهُمُ الحق} لينبههم عن غفلتهم {قالواْ هذا سِحْرٌ وَإِنَّا بِهِ كافرون} زادوا شرارة فضموا إلى شركهم معاندة الحق والاستخفاف به، فسموا القرآن سحرًا وكفروا به واستحقروا الرسول.
{وَقالواْ لَوْلاَ نُزّلَ هذا القرءان على رَجُلٍ مّنَ القريتين} من إحدى القريتين مكة والطائف.
{عظِيمٌ} بالجاه والمال كالوليد بن المغيرة وعروة بن مسعود الثقفي، فإن الرسالة منصب عظيم لا يليق إلا بعظيم، ولم يعلموا أنها رتبة روحانية تستدعي عظم النفس بالتحلي بالفضائل والكمالات القدسية، لا التزخرف بالزخارف الدنيوية.
{أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتِ رَبّكَ} إنكار فيه تجهيل وتعجيب من تحكمهم، والمراد بالرحمة النبوة.
{نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَّعِيشَتَهُمْ في الحياة الدنيا} وهم عاجزون عن تدبيرها وهي خويصة أمرهم في دنياهم، فمن أين لهم أن يدبروا أمر النبوة التي هي أعلى المراتب الإنسية، وإطلاق المعيشة يقتضي أن يكون حلالها وحرامها من الله.
{وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ درجات} وأوقعنا بينهم التفاوت في الرزق وغيره.
{لّيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضًا سُخْرِيًّا} ليستعمل بعضهم بعضًا في حوائجهم فيحصل بينهم تآلف وتضام ينتظم بذلك نظام العالم، لا لكمال في الموسع ولا لنقص في المقتر، ثم إنه لا اعتراض لهم علينا في ذلك ولا تصرف فكيف يكون فيما هو أعلى منه.
{وَرَحْمَتُ رَبَّكَ} يعني هذه النبوة وما يتبعها.
{خَيْرٌ مّمَّا يَجْمَعُونَ} من حطام الدنيا والعظيم من رزق منها لا منه.
{وَلَوْلاَ أَن يَكُونَ الناس أُمَّةً واحدة} لولا أن يرغبوا في الكفر إذا رأوا الكفار في سعة وتنعم لحبهم الدنيا فيجتمعوا عليه.
{لَّجَعَلْنَا لِمَن يَكْفُرُ بالرحمن لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مّن فِضَّةٍ وَمَعَارِجَ} ومصاعد جمع معراج، وقرئ و{معاريج} جمع معراج.
{عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ} يعلون السطوح لحقارة الدنيا، و{لِبُيُوتِهِمْ} بدل من {لِمَنْ} بدل الاشتمال أو على كقولك: وهبت له ثوبًا لقميصه، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو {وسقفًا} اكتفاء بجميع البيوت، وقرئ {سقفًا} بالتخفيف و{سقوفًا} و{سقفًا} وهي لغة في سقف.
{وَلِبُيُوتِهِمْ أبوابا وَسُرُرًا عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ} أي أبوابًا وسررًا من فضة.
{وَزُخْرُفًا} وزينة عطف على {سَقْفًا} أو ذهبًا عطف على محل من فضة {وَإِن كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا متاع الحياة الدنيا} إِن هي المخففة واللام هي الفارقة. وقرأ عاصم وحمزة وهشام بخلاف عنه لما بالتشديد بمعنى إلا وأن نافية، وقرئ به مع أن وما {والأخرة عِندَ رَبّكَ لِلْمُتَّقِينَ} عَن الكفر والمعاصي، وفيه دلالة على أن العظيم هو العظيم في الآخرة لا في الدنيا، وإشعار بما لأجله لم يجعل ذلك للمؤمنين حتى يجتمع الناس على الإِيمان، وهو أنه تمتع قليل بالإِضافة إلى ما لهم في الآخرة مخل به في الأغلب لما فيه من الآفات قل من يتخلص عنها كما أشار إليه بقوله: {وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرحمن} يتعام ويعرض عنه لفرط اشتغاله بالمسحوسات وإنهماكه في الشهوات، وقرىء{يَعْشَ} بالفتح أي يعم يقال عشي إذا كان في بصره آفة وعشى إذا تعشى بلا آفة كعرج وعرج، وقرئ {يعشو} على أن {مِنْ} موصولة.
{نُقَيّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ} يوسوسه ويغويه دائمًا، وقرأ يعقوب بالياء على إسناده إلى ضمير {الرحمن}، ومن رفع {يعشو} ينبغي أن يرفع {نُقَيّضْ}.
{وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السبيل} عن الطريق الذي من حقه أن يسبل، وجمع الضميرين للمعنى إذ المراد جنس العاشي والشيطان المقيض له.
{وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ} الضمائر الثلاثة الأول له والباقيان للشيطان.
{حتى إِذَا جَاءَنَا} أي العاشي، وقرأ الحجازيان وابن عامر وأبو بكر {جاءانا} أي العاشي والشيطان.
{قال} أي العاشي للشيطان.
{ياليت بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ المشرقين} بعد المشرق من المغرب، فغلب المشرق وثنى وأضيف البعد إليهما.
{فَبِئْسَ القرين} أنت.
{وَلَن يَنفَعَكُمُ اليوم} أي ما أنتم عليه من التمني.
{إِذ ظَّلَمْتُمْ} إذ صح إنكم ظلمتم أنفسكم في الدنيا بدل من {اليوم}.
{أَنَّكُمْ في العذاب مُشْتَرِكُونَ} لأن حقكم أن تشتركوا أنتم وشياطينكم في العذاب كما كنتم مشتركين في سببه، ويجوز أن يسند الفعل إليه بمعنى. ولن ينفعكم اشتراككم في العذاب كما ينفع الواقعين في أمر صعب معاونتهم في تحمل أعبائه وتقسمهم لمكابدة عنائه، إذ لكل منكم ما لا تسعه طاقته. وقرئ {إِنَّكُمْ} بالكسر وهو يقوي الأول.
{أَفَأَنتَ تُسْمِعُ الصم أَوْ تَهْدِى العمى} إِنكار وتعجب من أن تحمل هو الذي يقدر على هدايتهم بعد تمرنهم على الكفر واستغراقهم في الضلال بحيث صار عشاهم عمى مقرونًا بالصمم. كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتعب نفسه في دعاء قومه وهم لا يزيدون إلا غيًا فنزلت.
{وَمَن كَانَ في ضلال مُّبِينٍ} عطف على {العمى} باعتبار تغاير الوصفين، وفيه إشعار بأن الموجب لذلك تمكنهم في ضلال لا يخفى.
{فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ} أي فإِن قبضناك قبل أن نبصرك عذابهم، و(ما) مزيدة مؤكدة بمنزلة لام القسم في استجلاب النون المؤكدة {فَإِنَّا مِنْهُم مُّنتَقِمُونَ} بعذاب في الدنيا والآخرة.
{أَوْ نُرِيَنَّكَ الذي وعدناهم} أو إِن أردنا أن نريك ما وعدناهم من العذاب، وقرأ يعقوب برواية رويس أو {نُرِيَنَّكَ} بإسكان النون وكذا {نَذْهَبَنَّ}.
{فَإِنَّا عَلَيْهِمْ مُّقْتَدِرُونَ} لاَ يَفوتوننا.
{فاستمسك بالذى أُوحِىَ إِلَيْكَ} من الآيات والشرائع، وقرئ {أُوحِىَ} على البناء للفاعل وهو الله تعالى.
{إِنَّكَ على صراط مُّسْتَقِيمٍ} لا عوج له.
{وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ} لشرف لك.
{وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْئَلُونَ} أي عَنْهُ يوم القيامة وعن قيامكم بحقه.
{وَاسْئلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رُّسُلِنَا} أي واسأل أممهم وعلماء دينهم، وقرأ ابن كثير والكسائي بتخفيف الهمزة.
{أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ ءَالِهَةً يُعْبَدُونَ} هل حكمنا بعبادة الأوثان وهل جاءت في ملة من مللهم، والمراد به الاستشهاد بإجماع الأنبياء على التوحيد والدلالة على أنه ليس بدع ابتدعه فيكذب ويعادي له، فإنه كان أقوى ما حملهم على التكذيب والمخالفة.
{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا موسى بآياتنا إلى فِرْعَوْنَ وَمَلإَِيْهِ فَقال إِنّى رَسُولُ رَبّ العالمين} يريد باقتصاصه تسلية رسول الله صلى الله عليه وسلم ومناقضة قولهم {لَوْلاَ نُزّلَ هذا القرءان على رَجُلٍ مّنَ القريتين عَظِيمٍ} والاستشهاد بدعوة موسى عليه السلام إلى التوحيد ليتأملوا فيها.
{فَلَمَّا جَاءَهُم بآياتنا إِذَا هُم مِنْهَا يَضْحَكُونَ} فَاجَئوا وقت ضحكهم منها، أو استهزؤوا بها أول ما رأوها ولم يتأملوا فيها.
{وَمَا نُرِيِهِم مّنْ ءايَةٍ إِلاَّ هي أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِهَا} إلا هي بالغة أقصى درجات الإِعجاز بحيث يحسب الناظر فيها أنها أكبر مما يقاس إليها من الآيات، والمراد وصف الكل بالكبر كقولك: رأيت رجالًا بعضهم أفضل من بعض، وكقوله:
مَنْ تَلْقَ مِنْهُمْ تَقُلْ لاَقَيْتُ سَيِّدَهُم ** مِثْلُ النُّجُومِ الَّتي يَسْرِي بِهَا السَّارِي

أو {إِلا} وهي مختصة بنوع من الاعجاز مفضلة على غيرها بذلك الاعتبار.
{وأخذناهم بالعذاب} كالسنين والطوفان والجراد.
{لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} على وجه يرجى رجوعهم.
{وَقالواْ يَآ أَيُّهَ الساحر} نادوه بذلك في تلك الحال لشدة شكيمتهم وفرط حماقتهم، أو لأنهم كانوا يسمون العالم الماهر ساحرًا. وقرأ ابن عامر بضم الهاء {ادع لَنَا رَبَّكَ} فيكشف عنا العذاب.
{بِمَا عَهِدَ عِندَكَ} بعهده عندك من النبوة، أو من أن يستجيب دعوتك، أو أن يكشف العذاب عمن اهتدى، أو {بِمَا عَهِدَ عِندَكَ} فوفيت به وهو الإِيمان والطاعة.
{إِنَّنَا لَمُهْتَدُونَ}.
{فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ العذاب إِذَا هُمْ يَنكُثُونَ} فاجئوا نكث عهدهم بالاهتداء.
{ونادى فِرْعَوْنُ} بنفسه أو بمناديه.
{فِى قَوْمِهِ} في مجمعهم أو فيما بينهم بعد كشف العذاب عنهم مخافة أن يؤمن بعضهم.
{قال يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِى مُلْكُ مِصْرَ وهذه الأنهار} أنهار النيل ومعظمها أربعة أنهر: نهر الملك، ونهر طولون، ونهر دمياط، ونهر تنيس.
{تَجْرِى مِن تَحْتِى} تحت قصري أو أمري، أو بين يدي في جناني والواو إما عاطفة لهذه {الأنهار} على الملك و{تَجْرِى} حال منها. أو واو حال وهذه مبتدأ و{الأنهار} صفتها و{تَجْرِى} خبرها.
{أَفلاَ تُبْصِرُونَ} ذلك.
{أَمْ أَنَا خَيْرٌ} مَع هذه المملكة والبسطة.
{مّنْ هذا الذي هُوَ مَهِينٌ} ضعيف حقير لا يستعد للرئاسة، من المهانة وهي القلة.
{وَلاَ يَكَادُ يُبِينُ} الكلام لما به من الرتة فكيف يصلح للرسالة، و{أَمْ} إما منقطعة والهمزة فيها للتقرير إذ قدم من أسباب فضله، أو متصلة على إقامة المسبب مقام السبب. والمعنى أفلا تبصرون أم تبصرون فتعلمون أني خير منه.
{فَلَوْلاَ أُلْقِىَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مّن ذَهَبٍ} أي فهلا ألقي عليه مقاليد الملك إن كان صادقًا، إذ كانوا إذا سودوا رجلًا سوروه وطوقوه بسوار وطوق من ذهب، وأساورة جمع أسوار بمعنى السوار على تعويض التاء من ياء أساوير. وقد قرئ به وقرأ يعقوب وحفص {أَسْوِرَةٌ} وهي جمع سوار. وقرئ {أساور} جمع {أَسْوِرَةٌ} و{أُلْقِىَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ} و{أساور} على البناء للفاعل وهو الله تعالى.
{أَوْ جَاءَ مَعَهُ الملائكة مُقْتَرِنِينَ} مقرونين يعينونه أو يصدقونه من قرنته به فاقترن، أو متقارنين من اقترن بمعنى تقارن.
{فاستخف قَوْمَهُ} فطلب منهم الخفة في مطاوعته أو فاستخف أحلامهم.
{فَأَطَاعُوهُ} فيما أمرهم به {إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْمًا فاسقين} فلذلك أطاعوا ذلك الفاسق.
{فَلَمَّا ءاسَفُونَا} أغَضبونا بالإِفراط في العناد والعصيان منقول من أسف إذا اشتد غضبه.
{انتقمنا مِنْهُمْ فأغرقناهم أَجْمَعِينَ} في اليم.
{فجعلناهم سَلَفًا} قدوة لمن بعدهم من الكفار يقتدون به في استحقاق مثل عقابهم، مصدر نعت به أو جمع سالف كخدم وخادم، وقرأ حمزة والكسائي بضم السين واللام جمع سليف كرغف ورغيف، أو سالف كصبر جمع صابر أو سلف كخشب. وقرئ {سَلَفًا} بإبدال ضمة اللام فتحة أو على أنه جمع سلفة أي ثلة قد سلفت.
{وَمَثَلًا لّلأَخِرِينَ} وعظة لهم أو قصة عجيبة تسير مسير الأمثال لهم فيقال: مثلكم مثل قوم فرعون. اهـ.